
أكدت معظم الدراسات والأبحاث التي أجريت مؤخرا،أن هناك علاقة قوية بين ادمان المراهقين والضغوط الأسرية ، حيث اشارت إلى أن المراهقة مرحلة عمرية شديدة الحساسية قد يتجه فيها المراهقين إلى الإدمان كمحاولة منهم للخروج من الواقع المؤلم الممتليء بالضغوط الأسرية والتي تمثل عبء نفسي كبير عليهم.
وقد تكون الحياة صعبة وممتلئة بالمشاكل التي لا يستطيع تحملها الأشخاص الكبار فكيف يتحملها المراهقين الصغار ممن لم يكتمل نموهم العقلي والجسدي بعد، مرحلة المراهقة يمر بها الأطفال يشعرون بتغيرات جسدية وهرمونية ونفسية تجعلهم ضعفاء النفس في هذه المرحلة، يحتاجون إلى عناية خاصة ومراقبة جيدة من قبل الأهل ومزيد من الاستقرار الأسري، حيث أن تفاقم المشاكل الأسرية والضغوط تؤدي للهروب من هذا الواقع عبر اعتماد والمراهقين على وسائل الإدمان المختلفة التي قد تؤدي بهم في بعض الحالات إلى ارتكاب الجرائم.
والجدير بالذكر أن ظاهر الإدمان في مرحلة المراهقة تعود في معظم الحالات إلى أسباب نفسية، وتختلف نظرة المجتمعات لظاهرة الادمان اسبابه وفقا لحجم الظاهرة وأساليب التعامل معها واختلاف ثقافات كل مجتمع وعاداته وتقاليده, ففي بعض المجتمعات يصبح تناول الكحوليات أو المخدرات أمر مباح للجميع ولكن المجتمعات العربية لها عادتها وتقاليدها، وظهرت العديد من وسائل الإدمان الجديدة التي أصبح يقبل عليها المراهقين بشغف والتي يتصدرها إدمان الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بجانب ادمان المخدرات.
ويري بعض الباحثين أنه توجد علاقة واضحة ومباشرة بين ادمان المراهقين والضغوط الأسرية والمشاكل التي يمكن أن يتعرض لها الابناء داخل الأسرة، حيث يميل المراهق في هذا التوقيت إلى استخدام أنواع كثيرة من أدوات الإدمان على سبيل التجربة مثل الكحوليات أو الخمور أو تناول المخدرات أو ادمان الإباحية كسند يعتمد عليه لمواجهة الأزمات العائلية والضغوط الأسرية، وذلك لأن المراهق يرى أن استخدام هذه الأساليب قد يمنحه القوة لمواجهة الضغوط العصبية أو المواقف الضاغطة أو قد يساعده على الانفصال والهروب من هذه المواقف عبر تغييب العقل أو ازالة أي مشاعرسلبية تصاحب مثل هذه الظروف والضغوط الأسرية، مما يمنحه الشعور بالسعادة والاستمتاع بالحياة.
وبمجرد انتهاء مفعول مثل هذه الأدوات التي يقبل عليها المراهق يجد نفسه أمام المشكلة من جديد ومازال هناك ضغوط كثيرة عليه مما يضاعف شعوره بالحزن والقلق الذي يصل في بعض الأوقات إلى إلى نوبات من القلق الحاد Severe anxiety مما يجعله ليس أمامه خيار آخر سوى الإقبال على استخدام هذه المواد مرة ثانية، ومن هنا تبدأ العلاقة بين إدمان المراهقين والضغوط الأسرية، ومع تكرار الجرعات والانخراط في عالم الإدمان بشكل مكثف يبدأ المراهقين في اكتساب مهارات وسلوكيات خاطئة من الأشخاص الذين يتعاملون معهم في هذا الوسط الاجرامي والذي قد يؤثر على أخلاقهم ويجعلهم يقلدونهم.
ومن الملاحظ أن العلاقة بين ادمان المراهقين والضغوط الأسرية بين الضغوط أصبحت واضحة لاتحتاج للكثير من التفاصيل لما أكدته أغلب الأبحاث والدراسات والنظريات الحديثة والتي أكدت أن الضغوط الأسرية تلعب دورا رئيسي في دفع المراهقين في عالم الإدمان والانحراف والسبب الرئيسي في زيادة أعداد المدمنين والمنتكسين، فلايمكن أن يتحمل المراهق أزمة طلاق الأب والأم أو يتحمل فقدان أحدهم بسهولة في هذا العمر بدون الاعتماد على اخصائي علاج نفسي أو على وجود حد الاقارب الداعمين له لمساعدته على تخطي هذه الظروف الصعبة والتي تدمر نفسيته.
كما أضافت العديد من الأبحاث أن مشكلة ادمان المراهقين والضغوط الأسرية مرتبطة بشكل رئيسي بحدوث تدهور كبير في أوضاع حياة الأسرة، حيث أن استمرار الضغوط سواء في الأسرة أو في العمل أو في المدرسة مع غياب القدرة على مواجهة هذه الضغوط خاصة بالنسبة للمراهقين تصبح من أهم الأسباب التي تدفعهم في دائرة الإدمان والانحراف، وفي حالة البحث عن كيفية الخروج من دائرة الإدمان وتخطي مرحلة المراهقة بأمان مع عدم وجود الارادة والإصرار والقدرة على التعامل الجيد مع المواقف الصعبة والضغوط القاسية سوف يؤدي في النهاية إلى انتكاسة نتيجة الحنين لهذه المواد.
تأثير الضغوط الأسرية على المراهقين
يتأثر المراهقين بشدة وتبدأ العلاقة بين ادمان المراهقين والضغوط الأسرية، في النمو، في ظل عدم إنهاء هذه الضغوط مثل:
الإجهاد النفسي:
هو رد الفعل الذي يصدره الشخص تجاه الأحداث والمواقف التي يتعرض لها في حياته، وتختلف تلك الاستجابات بعضها عقلية واخرى جسمية وفقا للموقف الذي يتعرض له المراهق، وفي حالة تعرضه للمواقف الصعبة يزداد الحمل النفسي والإجهاد العصبي مما يؤثر على قدرته على التركيز بشكل كامل، وعندما يتعرض المراهقين للإجهاد العصبي يتسبب ذلك في :
- ارتفاع معدل ضربات القلب
- ارتفاع ضغط الدم
- زيادة حساسية النواقل العصبية
- زيادة إفراز الهرمونات
بجانب هذه التأثيرات ينعكس على الحالة المزاجية والمستوى الدراسي والرغبة في الجلوس وحيدا طول الوقت، نظرا لشعوره بالوحدة والاكتئاب من شدة الأحمال النفسية والإجهاد العصبي، ويتجه إلى الإدمان كمسكن لهذه الآلام، ويساعده على تجاوز المرحلة الصعبة.
التوتر المزمن:
أحد أهم علامات التي تؤكد على وجود علاقة بين ادمان المراهقين والضغوط الأسرية، حيث أنه عند تعرض المراهقين إلى ضغوط أسرية وتوتر ينتج عن مواقف عصبية والذي يؤدي إلى تعرض الشخص للتوتر بشكل مستمر وفي أوقات مختلفة، وهو ما يطلق عليه التوتر المزمن، وهو التوتر المرتبط بمشكلة معينة مثل حالة طلاق الأبوين أو موت أحدهما أو خلافات أسرية.
واغلب الدراسات أكدت أن التوتر المزمن من الممكن أن يكون أحد أهم أسباب و دوافع إدمان المراهقين، حيث أن هناك شريحة كبيرة من المراهقين يعانون من التوتر المزمن أو التوتر المستمر نتيجة لارتفاع الضغوط الأسرية ونجدهم يتجهون بشكل كبير إلى أحد وسائل الإدمان مثل المخدرات أو الاباحية أو مواقع التواصل الاجتماعي، لكي يشعرو بحالة من الاستقرار أو الهدوء بعض الشيء، ثم ينتهى بهم الأمر إلى الإدمان، حيث أن تعود الأشخاص على تناول جرعات معينة من هذه الأدوات لمواجهة الضغوط فإنها بمثابة مسكنات ويبدأ الجسم في التعود والتكييف عليها، وعند التوقف عن تناول تلك الأدوات يشعر المراهق بالتوتر الشديد والغليان خاصة عند انتهاء التأثيرات الخاصة بها.
كيفية مواجهة الضغوط الأسرية بدون الوقوع في دائرة الإدمان
- التوجه إلى احد الاطباء المتخصصين أو المعالجين النفسيين والتحدث معهم عن المشاكل والضغوط التى يتعرض لها المراهق.
- ممارسة الألعاب والأنشطة الرياضية المختلفة والتي تعد أحد أهم الخطوات في رحلة العلاج أو الوقاية من الإدمان، حيث أن الرياضة تخفف من الضغوط الأسرية والاحمال النفسية وتخفف من حدة التوتر والقلق.
- إجراء بعض التعديلات والتغييرات على الوجبات الغذائية التي يتناولها، مما يشعره بالتنوع وهناك أنواع كثيرة من الأغذية ينصح بها المعالجين والأطباء النفسيين لمواجهة التوتر والقلق.
في النهاية نؤكد على أن الضغوط والمشاكل الأسرية، مصدر رئيسي لانتشار الإدمان بشكل كبير وسط المراهقين، وهو ما أكدته الدراسات والأبحاث التي تناولت العلاقة بين ادمان المراهقين والضغوط الأسرية، باعتبارها علاقة شديدة الحساسية، نظرا لأن هذه الشريحة لا تمتلك القدرة على مواجهة المواقف الصعبة وتحمل التوتر والقلق والإجهاد العصبي، و لحماية المراهقين من احتمالية تعرضهم للإدمان لابد من اللجوء للأطباء النفسيين في حالة التعرض للضغوط أو التر والاجهاد بمختلف أنواعه لتأهيلهم لتخطي هذه المرحلة بسلام.