برامج العلاج في مراكز التأهيل
برامج العلاج في مراكز التأهيل
تشكل طرق العلاج من الإدمان، خلال الفترة الأخيرة، ثورة في عالم العلاج، والقضاء على هذه الظاهرة، وذلك بعد إمتلاك الأطباء والمتخصصين في هذا المجال مفاتيح العلاج الحقيقية سواء على المستوى العضوي او النفسي، وأيضاً محاولة الدراسات الطبية العميقة في هذا المجال أن تضع قواعد حقيقة وأطر من اجل العلاج والقضاء على هذه الظاهرة.
وفي هذا المقال نضع خطوات ملموسة حول فهم العلاج النفسي في مراكز التأهيل والعلاج من خلال البرامج الطبية الموضوعة وفق منهج علمي ثابت ودقيق للحالات الإدمانية المختلفة، وتتمحور أفكار هذا المقال حول برامج العلاج المختلفة والتحدث عنها، لكن هذه البرامج جميعها يتم تطبيقها عملياً في مراكز التأهيل، ونحاول أن نضع تعريفات هامة لمراكز التأهيل والعلاج وأهميتها في وضع البرامج لحالات الإدمان، ومدى فعاليتها في القضاء على ظاهرة الإدمان، ونتحدث عن أهم طرق العلاج وخطوات البرامج العلاجية في مراكز العلاج، وذلك وفقاً لنقاط شاملة في هذا الموضوع خلال السطور القليلة القادمة.
المحتوي
ما هي مراكز التأهيل واهميتها في علاج الإدمان؟
في إطار الحديث عن برامج العلاج في مراكز التأهيل، لابد من عرض خاص لمعرفة ماهية مراكز التأهيل العلاجية وأهميتها في علاج الإدمان، وللإجابة عن هذا السؤال أو وضع تعريف خاص لمراكز الإدمان يجب عرض بعض النقاط الخاصة حول هذا التعريف:
- يمثل مركز التأهيل البيئة والمجتمع الجديد الذي يجب على المدمن الذي قرر العلاج من الإدمان، أن يبدأ الدخول فيه ليعيش في بيئة جديدة بعيدة عن جو الإدمان، والبيئة التي تذكره باللحظات التي يقضيها في إدمان المخدرات، وتمثل هذه البيئة العلاج بكل خطواته مثل تنقية السموم من الجسم، ثم علاج الأعراض الانسحابية التي لن يعالجها إلا تحت إشراف طبي وفي بيئة مناسبة ومساعدة للتخلص من آلام تلك الأعراض.
- مراكز التأهيل تعتبر بيئة مناسبة للعلاج وذلك بسبب الأعمال اليومية التي يتم تكليف الفرد بها في إطار التعديل السلوكي والنفسي من أجل إجتياز سلوك الإدمان وتعلم المهارات الجديدة التي تعينه على الحياة الجديدة البعيدة عن إدمان المخدرات.
- يخضع المدمن المتلقي لبرامج العلاج في مراكز التأهيل من خلال وضع الأطباء والاخصائيين النفسيين لهذه البرامج التي تناسب كل حالة على حدة، فهناك من البرامج من تجدي مع حالات دون الأخرى، لذلك يجب من التقييم العام للمدمن قبل وضع خطوات العلاج داخل مراكز التأهيل.
- يتمتع الإنسان في هذه المراكز بقدر كبير من الحرية والمسئولية في نفس الوقت، وذلك بسبب أن مراكز التأهيل تضع قواعد للعقاب ووضع مسئوليات محددة للمدمن الذي قرر العلاج، فتمثل العقوبة القصوى للمدمن الذي خضع للعلاج في الطرد إذا ثبت أنه رجع إلى الإدمان مرة أخرى، اما حالات الثواب تبدأ وتنتهي بالتشجيع المستمر على العلاج، ودعم المدمن نفسياً وعاطفياً أثناء تلقيه العلاج داخل مركز التأهيل.
ما هو مركز التأهيل وأهميته؟
فنجد أنه لا يوجد تعريف محدد في قاموس علاج الإدمان إلا أن الدراسات الطبية ومن خلال العناصر السابقة التي تحدثنا عن مراكز التأهيل، نجد أن التعريف الأقرب للصحة، انها عبارة عن بيوت تخضع لقواعد وقوانين وبرامج علاجية معينة كلها قائمة على علاج المدمنين، بطريقة الثواب والعقاب وفق منهج علاجي ثابت نفسياً وعضوياً ووفقاً لخطوات علاج محددة.
أما عن بداية تكوين فكرة مراكز التأهيل، بدأت مراكز التأهيل وتكوينها ما بين عامي 1964 و1970م حيث كانت تنتقي الأشخاص الخاضعين للعلاج بشدة متناهية حتى تصلح برامج العلاج حينها لهؤلاء الأشخاص، إلا أنها هذه الطريقة العلاجية واجهت صعوبات كبيرة بسبب إرتداد العديد من الأشخاص عن العلاج ورجوعهم إلى إدمان المخدرات مرة اخرى، حيث تشير التقارير حينها أن عدد الذين ارتدوا عن العلاج وصل إلى نسبة 50% بعد ثلاثة أشهر من بداية العلاج وقد تصل النسبة في بعض البيوت التأهيلية إلى 70% وقد تصل إلى 90 % إذا وصلت المدة إلى عام، إلا إنه بعد ذلك وصلت نسبة العلاج إلى مستويات رائعة في السنوات الأخيرة وذلك بفضل برامج العلاج المحكمة داخل مراكز التأهيل.
قوانين برامج العلاج في مراكز التأهيل:
من أجل تبيان أهمية برامج العلاج في مراكز العلاج، لابد من الحديث عن قوانين برامج العلاج تلك، وماهي القواعد اللازمة لوجود مراكز تأهيل على مستوى عالي من الدقة والمهارة، وتتلخص هذه القواعد والقوانين والتي يجب ان يلتزم بها الجميع داخله إلى:
- البعد تماما عن التعاطي والعنف، وذلك لأن بيئة مراكز التأهيل تلك تعتبر بيئة نظيفة خالية عن كل ما يؤدي إلى الإدمان أو العنف المرتبط به، وتكون مناسبة من جميع الجوانب والجهات للعلاج.
- بناء احترام الإنسان لذاته وللآخرين في مراكز التأهيل سواء الثقة والاحترام المتبادل بين المعالجين وبين المرضى، أو بين المرضى وبينهم البعض، فهذا الأحترام والثقة تعزز من ذات الإنسان وتساعده على تجاوز محنة الإدمان، وهذا من أهم قوانين برامج العلاج في مراكز التأهيل.
- طاعة القوانين والالتزام بالقواعد المبينة للبيت او مركز التأهيل، والإلتزام بالقوانين التي يضعها الأطباء والمعالجين عن طريق الإقناع والحوار والمناقشة، وحل المشاكل بهذه الطريقة والبعد عن العنف في طرق حل المشاكل، وهذه الطريقة طريقة فورية لتعديل السلوك، وهي جزء من طرق العلاج، هذا إلى جانب الممنوعات الثلاث التي تضمنها برامج العلاج في مراكز العلاج، وهي عدم الصراخ وعدم التلفظ البذيئة.
مراحل العلاج في مراكز التأهيل:
لا تختلف مراحل العلاج في مراكز التأهيل عن غيرها، إلا أنها تعتبر مراحل محكمة التنظيم عن غيرها في البرامج العلاجية الأخرى، وفيما يلي بعض مراحل وخطوات العلاج في النقاط التالية:
- المرحلة الأولى من العلاج والتي لا يخرج فيها المدمن من مركز أو بيت التأهيل تماماً ويخضع للمراقبة والعلاج الفوري، وهذه المرحلة يتم فيها تنقية الجسم من سموم المخدرات، ثم البداية في علاج الأعراض الانسحابية وإعطاء المهدئات والمسكنات والأدوية التي تساعد على تخفيف الآلام المصاحبة لهذه الأعراض.
- المرحلة الثانية من العلاج، والتي تتمثل في عدم خروج المدمن الخاضع للعلاج أيضاً من البيت التأهيلي او مركز العلاج، ولكن يمكن للأهل من أفراد الأسرة الواحد في بداية زيارته تباعاً حتى يتم تشجيعه على استكمال العلاج والخطوات حتى يصل إلى التعافي تماماً.
- المرحلة الثالثة من العلاج، والتي تسمى مرحلة العودة إلى المجتمع، حيث يتم فيها زيارة الأهل وأفراد الاسرة بصحبة أحد العاملين من المركز التأهيلي وذلك في الأسبوع لمدة يوم واحد فقط، وتزيد المدة مع إزدياد أيام العلاج ومن ثم قرب التعافي، وهذه تعتبر تمهيد للخروج والتعامل العادي مع المجتمع المحيط به.
وتعتبر هذه المراحل متداخلة إلى حد بعيد بالتوازي مع البرامج العلاجية الأخرى، فمعظم البرامج العلاجية تبدأ العلاج بتنقية السموم ثم علاج الأعراض الانسحابية، وهذا ما نجده أيضاً في العلاج في مراكز التأهيل، إلا أن الصرامة والقواعد التي وضعتها بيوت ومراكز التأهيل، جعلت من برامج العلاج في مراكز التأهيل أكثر دقة وانضباط، ومن ثم الوصول إلى التعافي بشكل سليم ودقيق.
فوائد برامج العلاج في مراكز التأهيل:
هناك العديد من الفوائد التي يمكن أن نوضحها من خلال العلاج في بيوت التأهيل، وهذه تعتبر من أهم العوامل التي جعلت من برامج العلاج في بيوت التأهيل من أنجح طرق علاج الإدمان وأفضلها حسب الحالات الإدمانية التي تحتاجه بالطبع، وهذه الفوائد يمكن وضعها في النقاط التالية:
- العمل على تطوير خبرات الأشخاص المدمنين الخاضعين للعلاج، عن طريق تعديل سلوكياتهم المرتبطة بالإدمان، وتعليمهم السلوك الجيد بعيداً عن بيئة الإدمان القاتلة.
- التدريب الجيد على حل المشكلات بنمط سلوكي غير النمط التقليدي، لأنه من المعروف ان سلوكيات حل المشاكل تعمل إلى حد كبير على بعد الإنسان عن اللجوء إلى المؤثرات الخارجية والتي من ضمنها إدمان المخدرات.
- قيام الفريق الطبي في مراكز التأهيل بضرورة الدعم والإرشاد النفسي بشكل مباشر من خلال الثقة المتبادلة بين فريق العلاج والمدمنين، وهذا الدعم النفسي يتطلب التدريب على مواجهة الحياة ومشاكلها بدون إدمان المخدرات والهروب إلى الإدمان.
- وضع قواعد وقوانين صارمة ومنظمة داخل بيوت ومراكز التأهيل وهي أهم ما يميز برامج العلاج في مراكز التأهيل، لأنها تختلف بطبيعة الحال عن البرامج الأخرى، ومع هذا التنظيم نجد بيئة مناسبة للمشاركة والفاعلية داخل المجتمع العلاجي في الأنشطة والتدريب على المشاركة المجتمعية والانفتاح والاندماج مع العالم الخارجي.
- لابد من توافر الشعور بالأمان والثقة المتابدلة بين الجميع لأن هذا أجدر أن يحدث من اجل التحرر النفسي الذي يشعر به المدمن الخاضع للعلاج، ويجبره على المشاركة الفعّالة لا سيما في خطوات العلاج الجماعية.
- يعتبر المجتمع العلاجي من ضمن الوسائل التي تعمل على التغيير في نمط الحياة وسلوكيات الفرد المدمن، وعلاج اضطراب الشخصية ومرض الإدمان السلوكي وغيرها من السلوكيات، والمهارات التي يتم التدريب عليها خاصة في المراحل الأخيرة من العلاج ليصل الفرد المدمن الخاضع للعلاج إلى التعافي تماماً.
برامج العلاج في مراكز التأهيل مرحلة مؤقتة للتعامل مع المجتمع الخارجي:
يعتبر هدف برامج العلاج في مراكز التأهيل بشكل رئيسي هو التعامل مع المجتمع في صورته الحالية على إنه يجب أن يحتوي الفرد المتعافي في المستقبل، حيث يدرب المجتمع العلاجي في بيوت التأهيل ومراكز العلاج على عدة سلوكيات من شأنها تساعد المدمن المتعافي على التعامل مرة أخرى مع الخارج وفيما يلي تلك الأهداف والسلوكيات:
- التعامل مع المجتمع العلاجي في مراكز التأهيل كونها صورة مصغرة للمجتمع الكبير، وهذا التعامل وغرس هذا الفهم في فكر المدمن أثناء العلاج يساعد على غرس السلوكيات الخاصة بالتعامل مع المجتمع الخارجي بعد التعافي.
- إعطاء خبرات متبادلة بين المدمنين أثناء العلاج، وهذه الخبرة بلا شك تعطيهم حصانة في التعامل مع المجتمع الخارجي بعد ذلك وفقاً للسلوكيات التي تدربوا عليها أثناء العلاج في مراكز التأهيل.
- غرس مبادئ الحب والحرية في مراكز التأهيل وفي نفوس المدمنين الخاضعين للعلاج، وذلك من أجل إعطاء رؤية أفضل للحياة في الخارج، وضرورة التعامل معها وفقاً للسلوكيات المتدرب عليها حديثاً أثناء العلاج.
لذلك نرى أن برامج العلاج في مراكز التأهيل من أهم البرامج التي تساعد على احتواء المدمن المتعافي وتوجيهه وإرشاده بشكل سليم لكي يتعامل بصدق مع المشاكل التي تواجهه في المستقبل ويحلها بدون اللجوء إلى إدمان المخدرات.
وفي النهاية نجد أن الحديث عن برامج العلاج في مراكز التأهيل ممتد ويحتاج إلى عدة نقاط أخرى، حيث أنه يعتبر من أهم المناهج العلاجية في مجال علاج الإدمان خلال السنوات الأخيرة، ويوجد العديد من مراكز علاج الإدمان في مصر والخارج تعتمد الكثير من البرامج المحكمة في العلاج، ولكن هذا له حديث آخر.