ادمانات حياتية

علاج ادمان الغضب

علاج ادمان الغضب

علاج ادمان الغضب .. هناك الكثير من المشاعر التي يولد بها الإنسان، وهي مشاعر في غالب الأحيان فطرية، لا يمكن التحكم بها مثل الشعور بالجوع والعطش، أو الشعور بالاحتياجات الفسيولوجية العضوية داخل جسم الإنسان، وهي مشاعر لا يتحكم بها أي إنسان، لكن هناك من المشاعر التي تتأثر ببعض الظروف الخارجة عن تحكم الإنسان وأهم هذه المشاعر بالتأكيد الغضب.

ويعتبر الغضب من المشاعر السلبية التي تؤثر على تفكير وتحكم الإنسان بأعصابه، بل في بعض الأحيان يؤدي الغضب الشديد، إلى فقدان الإنسان لكامل إرادته، وقد يرتكب جريمة في ثورة غضبه، وعدم تحكمه في تصرفاته، مما يشكل خطراً على صحة الإنسان، لما ينتج من الغضب مشاكل صحية كثيرة، وأيضاً لما ينتج عنه مشاكل اجتماعية كبيرة بين الإنسان الذي أعتاد الغضب، وأقرانه أو أسرته أو المحيطين به.

ونتناول في هذا المقال، هذا الشعور السلبي الذي يؤثر في مخ الإنسان، ويفقده صوابه وتصرفاته، ويغير من الناحية الفسيولوجية في أعضاء الإنسان، بل يهدد صحته، خاصة إذا تحول هذا الغضب إلى إدمان وعادة متكررة، كما نعرض أهم طرق الابتعاد عن المواقف السلبية التي تؤدي إلى الغضب، وطرق العلاج والشفاء منه، وذلك من خلال عرض بعض النقاط التفصيلية.

لا تغضب.. صحتك هي المتضرر الأول والأخير:

لكي نبدأ علاج ادمان الغضب وتكراره المستمر في حياة الإنسان، لابد من عرض مخاطر الغضب على الصحة العامة، خاصة المخ، وما هي الآثار السلبية التي ينتج عنها الغضب، والتغييرات الكبيرة التي يسببها الغضب في جسم الإنسان، وفيما يلي بعض هذه المخاطر:

  • أكدت بعض الدراسات الطبية، أن الغضب والإنفعالات الشديدة مسؤولة عن قتل أكثر من 300 ألف شخص في العام الواحد، وذلك بسبب ما ينتج من ارتفاع إلى ضغط الدم، مما يؤثر بشكل كبير على القلب، وزيادة تدفق الدم، وسرعة ضربات القلب  التي لا شك تؤثر على كفاءة العضلة، وقد تؤدي نوبة شديدة من الغضب إلى الوفاة الفورية.
  • يعتبر الغضب مسؤول عن السكتة الدماغية، حيث أثبتت بعض الدراسات الطبية، أن معدل التعرض للسكتات الدماغية عند مدمني الغضب، أعلى بنسبة خمس أضعاف من الأشخاص الذين لا يتعرضون للغضب والانفعال الشديد.
  • يسبب ادمان الغضب، ضعف الجهاز المناعي للإنسان بشكل كبير، وهذا ما أثبتته دراسة أمريكية مؤخرا عن آثار الغضب من الناحية العضوية، حيث أكدت أن تكرار الإنفعالات سبب من أسباب ضعف المناعة، وبالتالي التعرض للأمراض المعدية بشكل مستمر، يؤثر على الصحة العامة.
  • ينتج عن ادمان الغضب، وتكراره المستمر عدة مشاكل واضطرابات في الجهاز الهضمي، لا سيما الأمعاء والمعدة، بسبب تدفق الدم بشكل كبير، في أعضاء الجسم، وارتفاع ضغط الدم، كما يعتبر مسؤول عن أمراض القولون العصبي، والالتهابات المتكررة فيه.
  • التعرض لبعض التشنجات في اليدين والكتفين، وهذه من مظاهر الغضب الواضحة، حيث تعاني يد الغاضب من رعشة كبيرة ومستمرة لفترات طويلة، بسبب تأثر الجهاز العصبي جراء الإنفعال الشديد، كما هناك بعض المظاهر الأخرى مثل التعرق وجفاف الحلق، واحمرار العين والوجه، والأذن وغيرها، وكلها مظاهر لالتهاب الجهاز العصبي بسبب الغضب.
  • سرعة التنفس بمعدلات غير طبيعية أثناء الإنفعالات الشديدة، وقد يؤدي هذا إلى اضطرابات عامة في الجهاز التنفسي، وظاهرة انقطاع النفس، والتي تؤدي بطبيعة الحال إلى الوفاة في بعض الأحيان.
  • إفراز عدد من الهرمونات في المخ أثناء التعرض للغضب، مثل إفراز هرمون الدوبامين والأدرينالين وغيرها من الهرمونات، وذلك للتخفيف من حدة الإنفعال، والوصول لحالة الطمأنينة والهدوء، وهذا ما يجعل الغضب إدمانا مع الوقت، بحيث يصبح الشعور بالهدوء والراحة مقترن بإفراز هذه الهرمونات، وهذه هي فكرة إدمان المخدرات أيضا.

تأثير ادمان الغضب النواحي السلوكية والنفسية للإنسان:

من آثار الغضب الكبيرة على الصحة العامة للإنسان، هي النواحي السلوكية والنفسية للإنسان، حيث يعتبر الغضب شعور سلبي مرتبط بسلوك الإنسان، فهو على أية حال يمكن التحكم به، لذلك كان السلوك هو المتضرر الأول من ادمان الغضب، وفيما يلي بعض الأضرار الصحية من الناحية النفسية والسلوكية التي تنتج من إدمان الغضب:

  • الشعور بالعزلة والاكتئاب، وذلك بسبب الإنفعالات الشديدة على الأسرة والأبناء، أو الأصدقاء والمحيطين بالإنسان، مما يجعل الإنسان في عزلة، بسبب خوف المحيطين به من العصبية الزائدة والمتكررة، وهذه لها أضرار مستقبلية كبيرة، فقد يؤدي الاكتئاب إلى محاولات الإنتحار.
  • الشعور بالضعف المستمر وعدم الثقة بالنفس، وهذا على خلاف المعروف من الغضب، فالكثير من الناس يعتقدون أن الغضب مظهرا من مظاهر القوة ضد الآخرين، لكن هذا غير صحيح، فالغضب مظهرا من مظاهر الضعف للإنسان، فهو يعبر عن هذا الضعف وعدم الثقة بالنفس، بقيامه بالصياح والصراخ وعدم مواجهة المشكلة بالحل السليم، ومحاولة الهروب من المشاكل بالغضب والانفعال الزائد عن الحد، وهذا يعزز بلا شك الضعف في الشخصية، وعدم التفكير السليم لحل المشكلات والصعوبات الحياتية التي تقف في طريق الشخص.
  • تغيير السلوكيات للأسوأ من ضمن مظاهر ادمان الغضب الواضحة، وذلك لأن الغضب يرتبط بشكل رئيسي بالصراخ والبكاء، أو القيام باستخدام العنف والترهيب والتهديد ضد الآخرين، والتلفظ بالألفاظ النابية في بعض الأحيان، فالغضب بلا شك يعتبر من الوسائل السلبية لإخراج المظاهر السيئة لدى الإنسان، والتي تكمن داخل النفس البشرية ولا تظهر إلا عند التعرض للغضب المتكرر، مما يؤدي بلا شك إلى إلصاق هذه العادات السيئة وارتباطها بهذا الشخص.

علاج ادمان الغضب:

من خلال عرض مخاطر ادمان الغضب، تبين أن الغضب مشكلة سلوكية عند الإنسان، يمكن تغييرها، والتدريب المستمر على خفض معدل الإنفعال عند الشخص، حتى يصل مع الوقت لعدم الإنفعال، وطريقة حل المشكلات بسهولة بدون الدخول في دائرة الغضب، لذلك نقوم بعرض بعض الخطوات القليلة للتخلص من إدمان الغضب:

  • هناك بعض العوامل التي تساعد على كبت جماح الغضب، والتقليل من الانفعالات، ومن هذه العوامل، القيام بطريقة العد من واحد إلى عشرة، وهي طريقة قد تجدي في بعض الحالات، لأنها تقوم بتهدئة النفس، وإعطاء الفرصة ولو قليلا لمحاولة التفكير في عدم الإنفعال، وهناك طريقة أخرى هي تغيير وضع الشخص الذي يتعرض للمواقف السلبية، فعلى سبيل المثال، تغيير الوضع من قائما، إلى الجلوس بعيداً، أو ترك المكان لعدة دقائق، أو التعرض للماء مثل الوضوء أو الاستحمام، أو غير ذلك.
  • تذكر وصية الرسول صلى الله عليه وسلم، بعدم الغضب، والقيام ببعض الواجبات الدينية حيال التعرض للمواقف السلبية مثل الوضوء، وترديد الأذكار، والصلاة، وهذه بلا شك عوامل تقلل الغضب، وتهيأ الإنسان لاتخاذ مواقف سليمة وصائبة، كما تعمل على هدوء النفس، وضبط الانفعالات.
  • حاول الابتعاد عن المواقف السلبية التي تؤدي إلى الغضب والإنفعال الشديد، ومعالجة المواقف بالتفكير ووضع حلول منطقية عن طريق، التماس الأعذار، والتفكير بوجهة نظر الآخر، وتذكر الأشياء الجميلة والسعيدة التي تربطك بالشخص الذي دفعك إلى الغضب، والتسامي عن الأخطاء الصغيرة.
  • التحدث دائماً بما تشعر لأحد المقربين، فكبت المشاعر، وعدم الحديث عن المشاكل، يولد أفكار سلبية تدفعك بلا شك إلى الغضب المتكرر، ومن ثم إدمان الغضب، وجعله طريقة للتنفيس عن ما بداخلك من أفكار سلبية، لذلك قم بإخراج السلبيات أول بأول.
  • ممارسة الرياضة، هامة للغاية لإخراج طاقة الغضب السلبية، حيث أنها تعمل على تقليل التوتر والقلق، وضبط الانفعال، والتدريب على الثبات في المواقف عامة، وخصوصاً السبية والصعبة منها، ومن هذه الرياضات، المشي والركض والسباحة وغيرها.
  • استشارة الطبيب النفسي، وهذه طريقة يجب أن تفعلها، إذا فشلت في بعض خطوات العلاج السابقة، لأن الطبيب النفسي سيقوم بالسماع الجيد، ومعرفة المشكلة النفسية، أو الإجتماعية التي دفعتك إلى الغضب، ومن ثم يقوم بوصف العلاج الدوائي أو إعداد وصايا نفسية وتأهيل سلوكي للتدريب على ضبط الانفعال وعدم ادمان الغضب.

وهكذا نرى في الخطوات السابقة، أن التدريب الجيد من أجل علاج ادمان الغضب ، يبنى على بعض السلوكيات التي تحتاج بعض الوقت من أجل الوصول إلى نتائج ملموسة، تؤدي بالضرورة إلى ضبط النفس، والثقة في طريقة حل المشكلات بعيداً عن الغضب، كما أن معرفة الأخطار الكبيرة على الصحة والسلوك، ضرورية من أجل التحفيز على علاج ادمان الغضب ، وهو ما حاولنا توضيحه في هذا المقال.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق