اعادة التأهيل للاسرةالاسرة و المدمن

تأثير الإدمان على الأسرة

تأثير الإدمان على الأسرة

لقد أصبحت ظاهرة الإدمان في الفترة الأخيرة من الظواهر الإجتماعية التي أدت إلى كثير من النتائج السلبية سواء على الفرد أو الاسرة أو المجتمع بشكل عام، وهو ما أشارت إليه الدراسات المختلفة التي اهتمت بظاهرة الإدمان أسبابها ونتائجها، وهو ما أهتم به القائمون على علاج الإدمان، لأنه جزء من العلاج الشامل من أجل القضاء على هذه الظاهرة.

وفي هذا المقال نتحدث بشكل مفصل وعام في نقاط واضحة عن تأثير الإدمان على الأسرة، والحديث عن النتائج السلبية التي تنتج عن إدمان المخدرات سواء من الناحية الإجتماعية أو الإقتصادية، أو النفسية بالنسبة للأطفال او أفراد الاسرة جميعهم، وغيرها من الجوانب الهامة، وذلك خلال السطور القليلة القادمة.

تأثير الإدمان على الأسرة.. تدمير الأجنة والمواليد على السواء:

يبدأ تأثير الإدمان على الأسرة، منذ البداية حيث الأجنة ثم مرحلة الطفولة المبكرة، وهذا في حالة أن الأم قد تعاطت المخدرات أو أدمنتها، وهو ما يؤثر بشكل كبير على شكل الأجنة والأطفال وصحتهم العامة، ومن الممكن توضيح هذا التأثير بالتفصيل خلال النقاط التالية:

  • يتعرض الجنين في بطن الأم الحامل المدمنة على المخدرات إلى العديد من المخاطر، حيث تبدأ هذه المخاطر بالموت نفسه، وعدم إكتمال دورة حياة الجنين في بطن الأم.
  • يتعرض الجنين إلى بعض الأمراض التي قد تؤثر عليه في حالة الولادة بسلام، مثل إنتقال المخدرات وآثارها المدمرة إلى خلايا دم الجنين المكونة لجسمه والأعضاء الداخلية له، أو يتعرض إلى فقر الدم العام.
  • تتعرض مشيمة الأم الحامل إلى الإنفصال عن الجنين، وهو ما يؤدي إلى الإجهاض أو الموت وعدم وصول التغذية المناسبة إلى الجنين، وبالتالي التعرض لخطر الموت.
  • إصابة الجنين ببعض الأمراض المزمنة في الرئتين والجهاز التنفسي وحدوث عدة تشوهات كبيرة في مناطق الأطراف مثل اليدين والقدمين مما يؤثر على الحركة العامة للطفل بعد الولادة.
  • حدوث نقص عام في الوزن، حيث أظهرت الدراسات أن وزن الطفل الذي يولد من أم أدمنت و تعاطت المخدرات، يكون بعيداً عن الوزن المثالي للطفل العادي أثناء الولادة.

هذا من الناحية الجسدية أو المظهر العام للطفل أو الجنين، كما تعاني الأم نفسها من مخاطر الولادة المتعثرة، والصعبة والتي قد تؤدي إلى مخاطر كثيرة من ضمنها موت الطفل أثناء الولادة.

 

أما من الناحية السلوكية فهذه لا تظهر بالطبع أثناء وجود الجنين في بطن امه بل تظهر في المراحل التالية، وهو ما نتحدث عنه في النقطة التالية وهو تأثير الإدمان على الأسرة، من ناحية سلوك الأطفال والناحية الجسدية والعضوية لهم.

تأثير الإدمان على الأسرة.. أطفال يعانون جسدياً ونفسياً وسلوكياً:

يعتبر تأثير الإدمان على الأسرة، كبيراً للغاية لكن الأكثر تأثير من آثار الإدمان المدمرة هم الأطفال الذين يولدون من أم مدمنة على سبيل المثال، لكننا في هذه النقطة لن نتحدث عن الأم التي أدمنت في السابق وتأثير الإدمان على الأم فقط، بل أيضاً نتحدث عن تأثير إدمان الأب أيضاً على الأطفال وذلك من خلال النقاط التالية:

معاناة الأطفال من الناحية الجسدية والعضوية:

يعاني الأطفال من الناحية الجسدية والعضوية خاصة في حالة إدمان الأم على المخدرات أثناء الحمل، حيث يعاني الأطفال من الأمراض والمظاهر الصحية السلبية الآتية:

  • يتعرض الأطفال حديثي الولادة إلى بعض الأمراض التي تتعلق بالنمو الجسدي، حيث يعاني الطفل حديث الولادة والذي ولد من أم مدمنة او تعرض لخطر المخدرات إلى نقص النمو الجسدي بشكل ملفت وملحوظ للعيان.
  • يعاني من تشوهات في القلب وضعف في عضلة القلب منذ الصغر، واتساع للثقوب داخل القلب والأوعية الدموية الموجودة حوله، مما يؤدي في المستقبل إلى حدوث ارتفاع ضغط الدم، وتشوهات عدة في الأعضاء الداخلية له.
  • حدوث تشوهات في الأعضاء التناسلية للطفل، وتأثر الجهاز الإخراجي له، جراء تأثيرات المخدرات وتواجدها في خلايا الدم منذ الولادة وانتقال هذه التأثيرات من الأم إلى الطفل عبر المشيمة.
  • اضطرابات عدة في الجهاز التنفسي مما يؤدي إلى زيادة ضربات القلب، كما يعاني من اضطرابات في الجهاز الهضمي وتعرضه للقئ المستمر وعدم تناوله الرضعات بشكل طبيعي مما يؤثر في نموه الجسدي العام.
  • أشارات بعض الدراسات ان الأورام السرطانية قد ترتبط بسبب إدمان الأم أثناء الحمل، مما يؤثر على الطفل وقد يعرضه إلى الإصابة بهذه الأورام، كما ترتبط بعض أمراض العيون بالنسبة للطفل بسبب هذه المظاهر.

معاناة الطفل من الناحية النفسية والسلوكية:

من آثار تأثير الإدمان على الأسرة أيضاً معاناة الطفل نفسياً وسلوكياً بسبب إدمان الأم الحامل، بل وإدمان الأب أيضاً ومن مظاهر معاناة الطفل من الناحية النفسية والسلوكية ما يمكن توضيحه في النقاط التالية:

  • يعاني الطفل من أعراض انسحابية من جراء إدمان المخدرات من قبل الأم الحامل ودخول تأثير المخدرات عبر المشيمة إلى الجنين، حيث تظهر تلك الأعراض الانسحابية منذ الولادة حتى شهور متقدمة بعد الولادة، وهذه الأعراض الانسحابية تظهر على شكل صراخ مستمر لا ينقطع، وآلام جسدية وعصبية يعاني منها الطفل، وهذا بسبب إدمان الأم.
  • يعاني الطفل عند الشهر السادس إلى نوبات من فرط الحركة غير الطبيعي في هذا السن، هذا إلى جانب الانفعالات والصراخ المستمر، وهذه من آثار المخدرات المتقدمة على الطفل بعد الولادة.
  • في مرحلة الطفولة نجد أن تقليد الأطفال لآبائهم وامهاتهم شئ بديهي، لذلك هناك بعض الأسر التي تعاني من وجود فرد من بينها مدمن للمخدرات، فهذا قد ينتقل بشكل كبير إلى الطفل الصغير عن طريق تقليد الطفل للأب أو الأم في حالة مشاهدة الطفل لأي من الطرفين أثناء التعاطي على سبيل المثال، وهو ما يشجع الطفل على تقليد هذا العمل ومن ثم التجربة الفعلية ومن بعدها الدخول في مرحلة الخطر سلوكياً ونفسياً.
  • قد يتعرض الأطفال بشكل غير مباشر من إدمان الأب والأم، وهذه بسبب التوتر الأسري الذي يصاحب إدمان أي من الطرفين للمخدرات، وهو ما قد يشكل ضغطا نفسياً وسلوكياً على الأطفال وهو ما يشكل خطرا كبيراً على الأسرة، وهو من تأثير الإدمان على الأسرة، بشكل خطير للغاية والذي قد يهدد جميع أفراد الاسرة في المستقبل.

تأثير الإدمان على الأسرة.. مشاكل بين الزوجين قد تؤدي إلى الانهيار:

قد نجد أن تأثير الإدمان على الأسرة، يتمثل في الخلافات الأسرية الناتجة عن إدمان الأب او الأم، وهذه الخلافات قد ينتج عنها العديد من الكوارث التي يعاني منها جميع أفراد الاسرة، وهذه الخلافات ليست بالضرورة أن تكون مشتركة في جميع الحالات، بل قد تختلف من أسرة إلى اسرة أو من حالة إلى حالة حسب العوامل الاقتصادية والاجتماعية او حتى العوامل البيئية التي تعيش داخلها هذه الاسرة، إلا أن هناك بعض المظاهر المشتركة التي قد نوضحها خلال النقاط التالية:

  • الانفصال المعنوي والنفسي بين الأب والأم، او بين أفراد الأسرة جميعهم، جراء إدمان أحد أفراد الأسرة للمخدرات، مما يؤدي إلى عزلة أفراد الأسرة عن بعضهم البعض، وهو ما ينتج عنه العديد من المشاكل الأسرة وبالتالي النفسية والسلوكية للأطفال وجميع أفراد الاسرة.
  • ازدياد مشاكل الطلاق والانفصال الأسري وهو ما ينتج عنه مشاكل كبيرة للأطفال وللأسرة جميعها، وسبب من ضمن أسباب الطلاق خلال السنوات الأخيرة في بعض المجتمعات هو إدمان المخدرات لأحد طرفي العلاقة الزوجية، وهو ما يدل على قوة تأثير الإدمان على الأسرة.
  • إزدياد مشكلات العنف الأسري، حيث أشارت الدراسات التي أجريت خلال السنوات الأخيرة، إرتباط كبير بين العنف الأسري بين أفراد الأسرة والتي قد تصل إلى الإيذاء الجسدي العنيف بسبب الحالة العصبية التي قد يعاني منها المدمن وعدم وعيه بالأفعال المختلفة التي من بينها الإيذاء الجسدي والذي يصل إلى القتل في بعض الأحيان.

 

تأثير الإدمان على الأسرة من الناحية المادية:

لا شك أن تأثير الإدمان على الأسرة ،  من الناحية الاقتصادية أو من النواحي المادية من التأثيرات الكبيرة التي تعاني منها الاسرة وكل أفرادها، وذلك بسبب العديد من المشكلات المادية التي تنتج عن إدمان الأب والأم أو أحد أفراد الأسرة من الأبناء، وهو ما يستنزف الناحية المادية، ومن الممكن عرض بعض المظاهر والنتائج السلبية من هذه الناحية خلال النقاط التالية:

  • استنزاف أموال الأسرة بسبب الإقبال على شراء المخدرات، حيث يقوم المدمن بالتحايل من اجل سرقة أو أخذ الأموال الكثيرة من الاسرة حتى يتسنى له شراء المخدرات اللازمة له، وهو ما يشكل ضغطاً من النواحي المادية على الأسرة.
  • في حالة إدمان الأب ومن المعروف أنه يكون العائل الوحيد لهذه الأسرة، فهذا يشكل ضغطاً كبيرا من النواحي المادية، حيث يهمل هذا الأب المدمن الأبناء و يتركهم بدون أموال لازمة لصحتهم وتعليمهم ومعيشتهم اليومية، وهو ما يشكل إنهياراً كبيرا لمنظومة الأسرة والتوازن فيها وينتج عنه العديد من المشكلات الكبيرة.
  • يرتبط الإدمان بلا شك بالنواحي العملية و التأثير على عمل الفرد المدمن، حيث يبدأ في إهمال العمل الذي يجلب منه الدخل اللازم له ولأسرته، مما يشكل ضغطاً وتأثيراً كبيراً على باقي النواحي التي يشكل فيها المال جزءاً هاماً مثل الصحة والتعليم والمسكن وغيرها من تلك الأمور.
  • تأثير الإدمان على الأسرة، من الناحية المادية يتمثل في بعض السلوكيات المرتبطة بين المال والإدمان من ناحية والسلوكيات الخاطئة من ناحية أخرى، ففي حالة إدمان الفرد الذي ينتمي إلى طبقة غنية أو ميسورة الحال، فإن المال لا يشكل ضغطاً على الأسرة من ناحية العوز او الفقر، ولكن من ناحية الأخرى، قد يكون المال المتوفر بدون رقابة في غالب الأحيان يجلب معه تجربة تعاطي المخدرات ومن ثم إدمانها، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على هذا الفرد، لأن المال لا يشكل عائق أمام الإدمان وهو ما يعني المزيد من الجرعات المخدرة وشراء المخدرات، وبالتالي ينتج عنه نتائج وخيمة في مستقبل هذا الفرد وبالتالي مستقبل الاسرة كلها.
  • يشكل أيضا تأثير الإدمان على الأسرة ، من الناحية المادية استنزاف الأموال الكثيرة في سبيل علاج إدمان هذا الفرد، وهو ما يشكل ضغطاً جديداً قد تعاني منه الأسرة مدة طويلة من الزمن، من أجل العلاج.

 

وبلا شك يعتبر موضوع  تأثير الإدمان على الأسرة ، متسع وقد نجلب العديد من الأمثلة، لكن هذه الأمثلة تختلف بالضرورة من بيئة إلى بيئة ومن بلد ومجتمع إلى آخر، واكتفينا بعرض بعض الجوانب التي تعاني منها جميع الأسر التي يقع أفرادها في تجربة الإدمان، وهي عوامل مشتركة في أغلب الأحيان بعيداً عن أي ظروف أو عوامل أخرى.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق