
الجنسانية هي جزء من الأجزاء التي تجتمع معاً وتجعلنا بشر، وفي هذا المقال سوف نناقش الجنس من وجهة نظر علماء النفس. بطبيعة الحال، الوظيفة الأساسية للجنس هي نشر الأنواع، ولكن من الواضح أيضاً أن الجنس يذهب إلى ما هو أبعد من كونه مجرد غريزة تطورية، فهو مسئول عن المتعة الحسية، والتمتع بها، والإثارة، وحتى الوصول للنشوة.
وبالإضافة إلى المسرّات الدنيوية للجسد مثل الإثارة التي تنتج عن التلامس الجسدي مع فرد من الجنس الآخر والدفء الذي يشعر به الجسد، والإثارة المتصاعدة نحو الإفراج الجنسي، والنشوة الجنسية الهائلة، ثم السلام الذي يشعر به الجسم من الاسترخاء بعد الوصول للنشوة الجنسية، هناك أيضاً تأثيرات نفسية وروحية للجنس. حيث أن الجنس من وجهة نظر علماء النفس هو وسيلة للحد من الاغتراب والشعور بالعزلة الاجتماعية والوحدة عن طريق التواصل جسدياً مع شخص آخر على المستوى الأكثر بدائية من الوجود.
الجنس من وجهة نظر علماء النفس:
إن النشوة الجنسية ليست مجرد تجربة جسدية بل هي نفسية وروحية أيضاً في بعض الأحيان، فالجنس لا يربطنا فقط بكيان آخر بل أيضاً بكياننا الشخصي وإنسانيتنا. فالجنس يذكرنا بقدرتنا على الشعور بلحظة النشوة الجسدية رغماً عنّا لتتملكنا العاطفة ونفقد السيطرة على أنفسنا. وكلاً من الشهوة والوقوع في الحب هي أمثلة حية على التحكّم فينا بواسطة الجنس، وهذه القدرة هي جزء أساسي من تكوين الإنسان، ويذكرنا هذا بأننا مخلوقات عاطفية قبل كل شيء.
والجنس من وجهة نظر علماء النفس – مثل الحب الرومانسي – يمكن أن يصيبنا بالكثير من المشاعر النفسية، كالوقوع في الحب أو الهوس أو الرفض أو الهجر أو فقدان الذات أو الخوف من الفناء أو الجنون من النشوة كلها من الجوانب النفسية المحتملة لممارسة الجنس، حيث يمكن للقاء الجنسي أن يغير مسار الحياة للأفضل أو الأسوأ.
وعلى مستوى أعمق من النفسية، ترتبط العلاقة الجنسية ارتباط وثيق بعدم الخلود، حيث أن الجنس – الذي يمثّل بداية الحياة – يقاتل ضد الموت ويؤكد الحياة ولكن في النهاية الموت يهزم الجنس.
الجنس من وجهة نظر علماء النفس: الاضطرابات الجنسية:
كذلك تأتي الاضطرابات الجنسية في أنواع وأشكال مختلفة، ولا يعني الاضطراب الجنسي أن هناك شيء خطأ في الفرد، ولكنها تعني أن الفرد يواجه نوعاً من المشكلات التي تؤثر فجأة عليه لأي سبب أو بدون سبب وفي أي وقت من حياته. وفي حين أن العديد من القضايا الجنسية يمكن إرجاعها إلى مشكلة جسدية أو تغير مفاجئ في ظروف حياة الفرد، فإن العديد من أسباب الاضطرابات الجسدية ليست معروفة أو مفهومة.
لكن الجنس من وجهة نظرة علماء النفس في الوقت الحاضر قد تقدّم كثيراً، وفي وقتنا هذا أصبح وجود قلق جنسي مثل عدم القدرة على الانتصاب أو مشاكل مع الإثارة الجنسية ليست مشاكل مقلقة، حيث توجد مجموعة كبيرة من العلاجات – بدءاً من الأدوية وحتى أشكال محددة من العلاج النفسي – التي يمكن أن تساعد عملياً كل شخص يعاني من اضطراب جنسي.
يجب الأخذ في الاعتبار أيضاً أن الجنسانية موجودة في سلسلة متصلة، ويتطور القلق من مشكلة جنسية ما إلى درجة اضطراب جنسي إذا كان يسبب للشخص قدر كبير من الضيق في حياته، وأن يرغب في تصحيح السلوك أو المشكلة.
الاضطرابات الجنسية:
عسر الجماع:
تشمل أعراض عسر الجماع ألم تكرر أو دائم في الأعضاء التناسلية المرتبطة بالجماع الجنسي إما ذكر أو أنثى. ويسبب هذا الاضطراب صعوبة شخصية، ولا ينتج هذا الاضطراب بالضرورة عن ألم في الحوض أو نقص في السوائل ويمكن تفسيره بشكل نفسي مثل اضطرابات القلق، أو بسبب حالة طبية.
اضطراب الانتصاب:
تشمل أعراض اضطراب الانتصاب عدم القدرة المستمرة أو المتكرر على بلوغ الانتصاب الكافي أو الحفاظ عليه حتى الانتهاء من النشاط الجنسي.
اضطراب النشوة الجنسية في الذكور والإناث:
اضطراب النشوة الجنسية في الإناث |
تأخر مستمر أو متكرر أو عدم وجود النشوة بعد مرحلة الإثارة الجنسية الطبيعية، وتُظهر النساء تقلبات واسعة في نوع أو شدة التحفيز الذي يثير النشوة الجنسية.
وينبغي أن يستند تشخيص اضطراب النشوة الجنسية لدى الإناث إلى حكم الطبيب بأن قدرة المرأة على النشوة الجنسية أقل مما هو معقول بالنسبة لعمرها، وخبرتها الجنسية، وكفاية التحفيز الجنسي الذي تتلقاه. |
اضطراب النشوة الجنسية في الذكور |
التأخر المستمر أو المتكرر أو عدم وجود النشوة الجنسية بعد مرحلة الإثارة الجنسية الطبيعية أثناء النشاط الجنسي، مع مراعاة عمر المريض من الطبيب ووضع التركيز والشدة والمدة في الاعتبار. |
الاضطراب الجنسي للإناث:
عدم القدرة المستمرة أو المتكررة على وجود كمية كافية من إفراز السوائل الناتجة عن الإثارة الجنسية حتى اكتمال النشاط الجنسي.
اضطراب فقدان الرغبة الجنسية للذكور:
يوصف هذا الاضطراب في الدليل التشخيصي بأنّه مستوى منخفض بشكل غير طبيعي من الرغبة في النشاط الجنسي عند الرجل. وكي يكون التشخيص صحيحاً يجب على الذكر أن يثبت – بشكل دائم أو متكرر – غياب الأفكار الجنسية أو الرغبة في ممارسة النشاط الجنسي إلى درجة تسبب الضيق في حياة الرجل أو علاقاته.
القذف المبكر:
يحدث هذا عندما يكون يتكرر أو يستمر القذف المبكر مع وجود حد أدنى من التحفيز الجنسي وقبل أن يتمنى الشخص ذلك.
إدمان الجنس:
يعتبر الشخص مدمن على الجنس عندما يكون سلوكاً قهرياً ولا يستطيع التوقف عنه على الرغم من محاولته فعل ذلك، وعند وجود تأثير سلبي لهذا السلوك على علاقاته الاجتماعية والعائلية وتقصيره في العمل أو في الدراسة.
السادية أو الماسوشية:
الماسوشية |
على مدار فترة لا تقل عن ستة أشهر تكون هناك تكرارات جنسية مكثفة أو دوافع جنسية أو سلوكيات تنطوي على فعل بالإهانة أو الضرب أو التقييد أو المعاناة جنسياً. وتتسبب هذه الأوهام أو السلوكيات في إحداث ضيق كبير أو ضعف في المجالات الاجتماعية أو المهنية أو غيرها من المجالات المهمة. |
السادية |
على مدار فترة لا تقل عن ستة أشهر تكون هناك تكرارات جنسية مكثفة أو دوافع جنسية أو سلوكيات تنطوي على أفعال تكون فيها المعاناة النفسية أو الجسدية – بما في ذلك الإذلال – للضحية مثيرة جنسياً للشخص. |
علاج الاضطرابات الجنسية:
أدوية علاج ضعف الانتصاب
واحد من الاختلالات الجنسية الأكثر شيوعاً “عدم القدرة على الانتصاب” يعالج بسهولة مع الأدوية والعقاقير الطبية، وهناك ثلاثة أدوية وافقت عليها إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية FDA لعلاج حالات ضعف الانتصاب:
- سياليس.
- ليفيترا.
- فياجرا.
كل من هذه الأدوية الثلاثة متوفرة في الصيدليات ولكن يجب أن توصف من قبل الطبيب حيث أنها تزيد من ضخ الدم للقضيب، مما يسمح بتسهيل عملية الانتصاب عندما يتم تحفيز الرجل جنسياً.
ويعمل ليفيترا لفترة أطول قليلاً من فياجرا وكلاهما يبدأ في المفعول بعد مرور حوالي ثلاثين دقيقة من تناوله، وفي كلاً من هذه الأدوية والعقاقير الطبية المذكورة يمكن أن تستمر التأثيرات ما بين 4 إلى 5 ساعات، ويعمل سياليس أسرع قليلاً حيث يدخل حيز المفعول في خلال خمسة عشر دقيقة فقط، ويمكن أن يستمر تأثيره لفترات أطول قد تصل إلى 36 ساعة في بعض الحالات.
أمّا بالنسبة للاضطرابات والمخاوف الجنسية الأخرى يكون العلاج النفسي عادةً هو الخيار الأفضل، ولهذا يجب التعرّف على الجنس من وجهة نظر علماء النفس عن طريق البحث عن معالج متخصص أو يتمتع بخبرة جيدة في العلاج الجنسي.
الجنس من وجهة نظر علماء النفس: الاحتياجات النفسية:
جميع البشر لديهم احتياجات نفسية أساسية، وإذا لم نلبي احتياجاتنا النفسية فإننا نعاني وفي بعض الأحيان تكون هذه المعاناة شديدة للغاية، ومثلما نحتاج إلى الغذاء والمأوى والنوم للبقاء على قيد الحياة، نحتاج أيضاً إلى تلبية احتياجاتنا النفسية للبقاء بصحة جيدة نفسياً ومستقرة عقلياً.
ولقد درس علماء النفس عدد من الاحتياجات النفسية، ولكن يمكننا تضييقها إلى أربعة احتياجات أساسية: الأمن، والثقة بالنفس، والاتصال، والاستقلال، وحتى نكون سعداء في حياتنا ونشعر بالاستقلال يجب أن نلبي كل هذه الاحتياجات الأربعة باستمرار. وإذا لم نلبي هذه الاحتياجات فإن عقولنا سوف تبدأ فعلياً في ترشيد طرق الحصول عليها، حتى على حساب صحتنا الجسدية والنفسية.
على سبيل المثال، إذا لم يكن المرء قادراً على تلبية حاجته إلى الثقة بالنفس فإنه سوف يصاب بالاكتئاب المزمن وأحياناً قد ينتحر جراء هذا، أمّا إذا لم يلبي المرء حاجته إلى الاستقلال يقع في العجز.
وعلى رأس الاحتياجات النفسية، لدينا استراتيجيات نفسية واجتماعية لتلبية هذه الاحتياجات، ويعتبر الجنس من وجهة نظر علماء النفس أحد الاستراتيجيات النفسية، كما أن بعض الاستراتيجيات تكون واضحة وبعضها الآخر يكون غامضاً. على سبيل المثال، تلبي الرياضة حاجتنا للاتصال وإذا فزنا في هذه الرياضة نشعر بالثقة في النفس، كما يمكن مثلاً أن يساعد تعلم فنون الدفاع عن النفس في تلبية احتياجنا للأمن، كما أن التجربة مع المخدرات يمكن أن تلبي الحاجة للاستقلال والاتصال، وهكذا.
الجنس من وجهة نظر علماء النفس: أحد الاستراتيجيات:
يعتبر الجنس من وجهة نظر علماء النفس أحد الاستراتيجيات التي يستخدمها الإنسان لتلبية الاحتياجات الأساسية الأربعة. كيف لنا أن نعرف هذا؟ لأنّه لا يوجد دليل على أن العزوبية هي شيء غير صحي نفسياً أو جسدياً، فأنت لا تموت من عدم ممارسة الجنس، بل على العكس تماماً هناك بعض المخاطر الصحية من الإفراط في ممارسة الجنس، وفي بعض الأحيان حتى يمكن أن يجادل المرء بوجود فوائد صحية من عدم ممارسة الجنس.
نحن هنا لا نقول لك “لا تمارس الجنس” ففي الواقع العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة شيء رائع جداً في إطار الزواج، حيث يجعلنا أكثر صحة وسعادة، ناهيك عن أنها حاجة بيولوجية ونفسية منذ القدم.
ومن ناحية أخرى، إذا لم تتم تلبية الاحتياجات النفسية لفترات طويلة من الزمن، سوف يؤدي هذا إلى مشاكل نفسية وجسدية كبيرة، خصوصاً وأن بعض الناس يمكن أن يتطور لديهم أمراض نفسية مثلا الإدمان أو الاضطراب العصبي أو حتى الأوهام لتلبية هذه الاحتياجات. وتظهر الأبحاث أن العزلة الاجتماعية أكثر ضرراً من الإدمان على الكحول أو التدخين، كما أننا لم نسمع عن شخص قتل نفسه لأنه كان مستثار جنسياً، ولكننا سمعنا عن من قام بذلك بسبب عدم الاتصال مع الآخرين أو الافتقار إلى احترام الذات.
إن فكرة استخدام الجنس كاستراتيجية لتلبية الحاجات النفسية قد تبدو غريبة لأن الجنس هو أيضاً محرك فسيولوجي، مثل الأكل أو النوم، ولكن على عكس الأكل أو النوم، يمكنك أن تقضي حياتك كلها بدون ممارسة الجنس ولن يحدث لك أي شيء على الصعيد الجسدي.
لهذا السبب فإن الجنس من وجهة نظر علماء النفس استراتيجية طورها البشر لتلبية الاحتياجات النفسية وليس الجسدية.