إن المخدرات الرقمية – تعرف أيضاً بإيقاع الأذنين – هي أصوات يعتقد أنها قادرة على تغيير أنماط موجات الدماغ وإحداث حالة وعي متغيرة مماثلة لتلك التي تحدث تحت تأثير تعاطي المواد المخدرة أو عندما يكون الإنسان في حالة تأمل عميقة. وفي هذا المقال سوف نلقي بالضوء على طرق علاج ادمان المخدرات الرقمية وسوف نطرح أيضاً بعض المعلومات عنها بشكل عام.
لكن قبل أن نفكر في علاج ادمان المخدرات الرقمية يجب أولاً أن نتعرف عليها، حيث يحدث تأثير المخدرات الرقمية عندما تُلعب نغمتين مع ترداد مختلفة قليلاً في نفس الوقت، وبدون سماعات الرأس يمكن أن يتعرف المستمع على الاختلاف الطفيف بين الترددين كنغمة واحدة تنحرف قليلاً. أمّا في حالة استخدام سماعات الرأس.
يتم عزل النغمتين ويستمع الفرد إلى كل تردد بوضوح في أذن مختلفة، وبينما يعالج الدماغ النغمتين، يحب أن يأخذ في الاعتبار الفرق الطفيف بين الترددات، ويشعر المستمع من هذا الاختلاف بضربات إيقاعية داخل الرأس.
بعد ذلك يقوم الدماغ بمعالجة التحفيز الإيقاعي كنبضات كهربائية. والهدف من المخدرات الرقمية هو التحكم في النبضات الكهربائية عن عمد وتشجيع دماغ المستمع على مزامنة موجاته الدماغية مع الإيقاع والترددات المختلفة. وتُطلق على هذه الحالة “المزامنة” وتتحقق عند اختيار النغمتين ضمن مستوى تردد معين.
ويسمى تردد الاستجابة التالية FFF وهو جزء من مفهوم يسمى entrainment. وهو تزامن الإيقاع البيولوجي الذي يشكل الأساس لأنواع عديدة من التأمل والارتجاع البيولوجي الطبي، أي أنّه ليس مفهوم جديد علمياً.
تعرف المخدرات الرقمية أيضاً باسم “الشفاء بالصوت” ومؤخراً أصبح يطلق عليها i-dosing حيث يرمز حرف i إلى الإنترنت، حيث يمكن العثور على الكثير من مقاطع الصوت والفيديو التي تحتوي على نفس تقنية التحفيز الإيقاعي على الإنترنت بسهولة.
كما أننا حتى نتعرف على طرق علاج ادمان المخدرات الرقمية يجب أن نرجع إلى تاريخها، حيث تم اكتشافها في الأصل عام 1839 من قبل الفيزيائي هاينريش فيلهام دوف، وكشف بحثه عن أن الإشارات الصادرة عن ترددين مختلفين عند تقديمهما بشكل منفصل – واحدة في كل أذن – تسمح للدماغ بتسجيل الفرق بين الترددات ومحاولة توحيد هذا الاختلاف، أو المزامنة.
المحتوي
صعوبة علاج ادمان المخدرات الرقمية:
مما يزيد من صعوبة علاج ادمان المخدرات الرقمية في عصرنا الحديث حالة الاعتماد الكبيرة التي طورناها كبشر مع الإنترنت والتكنولوجيا عموماً، لا تصدقني؟ جرّب أن تنزل من المنزل بدون هاتفك الذكي من بداية اليوم في الصبح، ثم اسأل نفسك ما هو شعورك؟ الشعور لن يكون جيداً، وستشعر كأنّك لم تشرب كوب القهوة الخاص بك في الصباح، أو أن شيء ما ينقصك.
ذلك لأن التكنولوجيا أصبحت تعمل تماماً مثل المخدرات، في كل مرة تقوم فيها بتسجيل الدخول إلى فيسبوك، فإن دماغك يقوم بإفراز الدوبامين مما يجعلك تشعر بالمكافأة، ونفس الطريقة عندما تستخدم بريدك الإلكتروني للتواصل مع عميل جديد، يقوم المخ بتعزيز هذا السلوك لاستخدام أسلوب العمل المدعوم بالتكنولوجيا.
قد تقول “لكنني لا أشعر أنني مدمن” حسناً، في حقيقة الأمر لا يشعر المدمن أبداً أن مدمن على شيء ما، حتى مدمن المخدرات يعتقد أنه يتعاطاها بكامل ارادته الحرة ودون أي سلوك قهري، لكن هذا ليس صحيحاً، لذا يجب أن تُدرك حقيقة الأمر أولاً.
لكن قبل أن تدخل إلى عالم من التكهنات داخل رأسك، يمكنني أن أخبرك أن التكنولوجيا ليست بالإدمان السيئ، وفي الوقت نفسه هي ليست بالإدمان الجيد. تحديد أن تكون التكنولوجيا جيدة أو سيئة هو باستخدام الناس لها، وعندما نتحدث عن علاج ادمان المخدرات الرقمية فإننا هنا نجلب الجانب السيء دون شك.
منذ آلاف السنين، حاول العديد من الحكماء التوصّل إلى الوظائف الداخلية لشخص ما باستخدام وسائل خارجية. على سبيل المثال، اعتقد الممارسون القدماء في QiGong أن التنفس الصافي والصمت والتنفس العميق هو وسيلة للوصول إلى الطبقات السفلى dan tian وهي منطقة تقع أسفل السرة مباشرة، وهي قادرة على تغذية الجسم بالطاقة الجيدة للحفاظ على حياة صحية طويلة.
أمّا اليوم وعلى ضوء حديثنا عن علاج ادمان المخدرات الرقمية يمكن القول أن هناك قاعدة عريضة من المخدرات الرقمية في السوق تسمى “النغمات الثنائية” يُمكنها أن تؤثر عليك نفس تأثير المواد المخدرة – ليس تماماً ولكنه تأثير ضار مماثل على المخ – حيث يمكنها منح المدمن نفس تأثيرادمان المخدرات مثل الكوكايين أو الهيروين أو الحشيش أو الميث أو غيرها من المواد المخدرة الأخرى الشهيرة.
وعلى الرغم من تشكيك البعض من تأثير هذه المواد الصوتية ناهيك عن الحديث عن علاج ادمان المخدرات الرقمية أصلاً، إلا أن العديد من السلطات أوصت بتجريم هذا النوع من المخدرات الرقمية.
لكن بعض الباحثين يتحدثون عن التأثير السلبي للمخدرات الرقمية ويؤكدون وجود تأثير – حتى لو كان ضئيلاً – على الدماغ ووظائف المخ، والدليل على ذلك استخدام بعض أطباء العلاج النفسي الموسيقى الهادئة في تهدئة مزاج المريض وإبعاد القلق والضغط النفسي عنه.
شكوك علاج ادمان المخدرات الرقمية:
المشكلة في الحديث عن علاج ادمان المخدرات الرقمية أنّ الكثير من الناس لا يريدون تصديق وجود مشكلة ادمان المخدرات الرقمية حتى يرون حالة بأنفسهم، وهو طلب صعب تنفيذه لأكثر من سبب؛ فعادةً ما يقوم مدمن المخدرات الرقمية بالاستماع بمفرده بعيداً عن الآخرين.
وربما يستغرق في النوم بسببها ولا يظهر عليه أي حالة من حالات الفزع. وحتى في حالة وجود تأثير عليه سيكون التأثير النفسي فقط هو الموجود في حالات مثل الاكتئاب واضطرابات القلق والتوتر، لكن لن يكون هناك تأثير جسدي كبير كما هو الحال في المخدرات التقليدية مثل الهيروين أو الكوكايين.
وفي عام 2010 تم تأديب ثلاثة طلاب لظهورهم تحت تأثير المخدرات أثناء الحصص الدراسية في مدرسة موستانج الثانوية في أوكلاهوما الأمريكية، وعند التحقيق معهم أوضح الطلاب أن التأثير الظاهر عليهم كان بسبب محاولة استخدام مخدر رقمي يُطلق عليه i-dosers.
ولم يتمكن المسئولون في المدرسة من معرفة ما إذا كان الطلاب يبالغون أو يهلوسون أو كانوا تحت تأثير المخدر فعلاً، وما جعل الوضع أكثر قلقاً هو أن هؤلاء الطلاب لم يكونوا من مثيري الشغب في المدرسة.
عندما نفكر في المخدرات، غالباً ما يأتي على بالنا المواد الملموسة المادية التي يمكن رؤيتها أو لمسها أو استهلاكها، وتفي معظم المواد المخدرة بهذا المعيار الأساسي، بما في ذلك العقاقير الصيدلانية مثل المسكنات، والمخدرات العشبية مثل الماريجوانا، والتي تعزز الأداء مثل الكافيين. ومع ذلك هل يمكن للمخدرات الرقمية التي هي عبارة عن أصوات بترددات مختلفة أن تنتمي إلى هذه الفئة أيضاً؟
كل هذا يتوقف على وجهة نظرك أنت. من الناحية الفنية، يعتبر المخدر هو مادة كيميائية تسبب تأثيرات مميزة وغالباً ما تغير العقل لأنها تتفاعل مع المخ. أمّا المخدرات الرقمية فهي عبارة عن ملفات بيانات وليست مواد كيميائية موجودة فعلاً، ومع ذلك فإنها تنتج تغيرات كيميائية في المخ، لذا ربما يمكن اعتبارها مثل المخدرات التقليدية إذا أثبت العلم فعلاً التأثيرات الناتجة عنها.
هل المخدرات الرقمية قابلة للإدمان؟
ظهرت العديد من الادعاءات والمزاعم المثيرة للجدل بشأن خصائص الادمان الموجودة في المخدرات الرقمية، ويدور معظم هذه المزاعم حول الإفراز الزائد من الدوبامين والاندورفين بيتا، بالإضافة إلى العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر على الإنترنت لأطفال يزعمون تجربة نوع جديد من المخدرات الرقمية.
كما تقوم الكثير من مواقع الإنترنت ببيع هذه النغمات ذات الترددات المختلفة “المخدرات الرقمية” وتقوم بتسويقها على أنها “محاكاة ترفيهية” بديلة للمواد المخدرة الحقيقية مثل الأفيون والكوكايين بفضل حالة التزامن التي يخلقها المخ ولها تأثيرات مشابهة بتلك التي تحدثها جرعة من مخدر حقيقي.
وبغض النظر عن ما إذا كانت هذه المزاعم حقيقية أم لا، فإن مجرد الترويج لها يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية كثيرة خصوصاً للمراهقين الذين يرغبون في تجربة كل ما هو جديد. غير أنّه من الناحية الطبية السريرية، لا توجد أبحاث أو دراسات مهمة تدعم الادعاء بأن المخدرات الرقمية تُسبب الإدمان.
أعتقد أن الأمر خطير للغاية، وعلى الرغم من عدم وجود آثار عصبية معروفة بسبب المخدرات الرقمية، إلا أنها تشجع الأطفال على البحث عن المواد المغيرة للمزاج”. وتصديقاً لما تقول الدكتورة كارينا، عند الدخول على بعض المواقع الخاصة بالمخدرات الرقمية وجدنا إعلانات تغري الشباب على شراء بعض الحبوب الخطرة، أو الماريجوانا الصناعية. كارينا فورست-بيركنز – رئيسة قسم التشغيل في أحد مراكز إعادة التأهيل
علاج ادمان المخدرات الرقمية:
لا تزال العقاقير الرقمية ظاهرة جديدة نوعًا ما ، مما يتطلب مزيدًا من الوقت لتحديد المخاطر التي يمكن أن تشكلها هذه المخدرات. وحتى الآن، لا يوجد دليل على وجود أي ضرر كيميائي أو سلوك قهري مثل الذي تسببه المخدرات التقليدية بسبب المخدرات الرقمية، مما يفسّر عدم وجود علاج ادمان المخدرات الرقمية حتى الآن.
وعند النظر إلى الأمر من وجهة نظر نفسية، نجد أن المخدرات الرقمية قد تكون مسببة للإدمان بسبب خصائصها في تغيير المزاج، ويعتبر الكثيرون أن مثل هذا السلوك القهري قد يكون أكثر صعوبة في التخلص منه مقارنةً بالإدمان الجسدي.
ويقول العديد من الخبراء أنه على الرغم من عدم وجود أدلة كثيرة على ادعاءات ومزاعم الادمان هذه، يبقى القلق الأكبر وهو أن المراهق يصبح مهتماً باكتشاف مثل هذه الأمور، مما قد يجعله يبحث عن مخدرات حقيقية تعطي تأثيرات معروفة ومثبت عنها تسببها للإدمان، وبدلاً من علاج ادمان المخدرات الرقمية يصبح العلاج مطلوباً من إدمان المواد المخدرة التقليدية.
ويمكن القول أن المخدرات الرقمية في حدث ذاتها ليست مسببة للإدمان، لكن يمكن للسلوك الاعتمادي القهري الذي ينشأ عن استخدامها والتأثيرات التي تُحدثها على مُخ المتعاطي لها أن يتسبب في النهاية بالإدمان النفسي، أي عندما تنشأ علاقة اعتمادية على هذه المخدرات وعدم القدرة على التوقف عن الاستماع إليها لأن المريض أصبح مدمناً على تأثيراتها.
في الوقت الحالي، إذا اكتشف أحد الوالدين أن الطفل يجلس طوال الوقت وهو يضع سماعات الرأس بعيداً عن العائلة، فقد يكون من الضروري مراقبة سلوكيات الطفل عن قرب، لعلاج أي أضرار نفسية قد تكون نشأت لديه. وتبدأ أولى خطوات علاج ادمان المخدرات الرقمية باستشارة الطبيب النفسي المختص في مثل هذه الحالات.