ادمانات حياتية

علاج ادمان الحب

علاج ادمان الحب

علاج ادمان الحب .. تعددت أسباب الإدمان وأنواعه، ونتائجه السلبية على الجهاز العصبي، وباقي أعضاء الجسم، لكن من ضمن تلك الأنواع التي تتسلل عبر مشاعرك، وبعض الأحاسيس الفطرية، ثم تتحول لحالة مرضية، أشبه بآثار الإدمان المدمرة على المخ، هو الشعور بالحب.

من المؤكد أن شعور الحب، يحتاجه الإنسان، كي يجد للحياة هدفاً ومعني، لكن هذا الشعور قد يكون وبالاً على من يقع في حبائله، فليس معني أن الشعور بالحب جيد، ويحتاجه البشر كي يكملوا مسيرتهم في الحياة، أنه لن يتحول إلى صورة سلوكية سيئة ومرضية قد تدمر الشخص الذي يشعر بهذا الإحساس الجميل.

لذلك نتناول في هذا المقال، كيف يتحول الحب إلى إدمان وصورة سلوكية مرضية للشخص، وكيفية علاج ادمان الحب، والتخلص من آثاره النفسية الصعبة التي تحيط بالإنسان، وكيفية الوصول إلى الإعتدال في هذا الشعور الهام، والتدريب على ذلك نفسياً وسلوكياً.

الحب من الفطرة إلى ادمان مدمر:

يتحول الشعور بالحب عن طريق التأثير في النواقل العصبية في المخ، وإفراز العديد من الهرمونات المحفزة، التي يشعر الإنسان بعدها بالسعادة والراحة والطمأنينة، حيث أن افراز المواد  كيمياء المخ، هي المسؤولة على وصول الشعور بالحب إلى الحالة الخطرة مع استمرار وجود تلك المواد في المخ، وهذا هو التفسير العلمي الدقيق للوصول لحالة الإدمان.

وأكدت الدراسات الطبية التي أجريت على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية جراء البعد عن من يحبونهم، هو أن إفراز بعض المواد مثل مادة الفينيثيلامين بكثرة يشعر الإنسان بتحسين المزاج، والسعادة الكبيرة غير المبررة، كما أن إنتقال مواد مثل الإندروفين عبر الناقلات العصبية، يحفز الشخص المحب على الإثارة الجسدية والجنسية اتجاه محبوبه، ومادة الأوكسيتوسين مسؤولة أيضا على الربط الجنسي بين الطرفين.

لذلك تولد الشعور بالحب يحتاجه الشخص بإستمرار لإفراز المخ هذه المواد والهرمونات، والتي تشعره بالسعادة، وهذا يتحول بلا شك إلى حالة إدمان، واحتياج مستمر للحب، ومن هنا لابد من العلاج خاصة مع توقف تلك المواد عن الانتقال والوجود في المخ، بسبب انقطاع الشعور بالحب، وكأننا أمام حاجة فطرية وهي الحب، انتقلت إلى حالة إدمان، قد يدمر الشخص على المدى البعيد، بسبب الإضطرابات النفسية التي يعاني منها.

اعراض ادمان الحب.. الخطوة الأولى للعلاج:

الكثير ممن يخضعون لادمان الحب، لا يعترفون بأن الإحساس بالحب الزائد عن الحد، ليس لديه مشكلة في حد ذاته، وهذا خطأ يقع فيه الكثير من المحبين، فهناك بعض المظاهر النفسية، والتي تعتبر من الآثار السلبية لإدمان الحب على هذا الشخص، ومعرفة تلك المظاهر، بلا شك هي الخطوة الأولى في العلاج، وتغيير السلوك والنمط، أما هذه المظاهر نعرضها خلال النقاط التالية:

  • التفكير الدائم في المحبوب، مما يجعلك أحادي التفكير وضيق الأفق، والفشل في إدارة الحياة بشكل جيد، وذلك بسبب اختصار الحياة كلها في وجود من تحب فقط.
  • التوقف التام لتطوير النفس على جميع المستويات خاصة الاجتماعية والدينية، وذلك بسبب التفكير المستمر في الشخص الذي تحبه.
  • الخوف والقلق المستمر من الوساوس النفسية، جراء التوهم بأن علاقة الحب لن تستمر.
  • ضعف الشخصية، حيث يعاني من أدمن الشعور بالحب، أن شخصيته قد تم إلغاءها بالتدريج، بسبب الاعتماد الكامل على الطرف الآخر، والتعرض للاستغلال من هذا الطرف لا شك يفقدك استقلاليتك بنفسك، وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى ضعف وانعدام الشخصية.

علاج ادمان الحب .. عندما يكون الإعتماد على الذات أفضل:

يعتبر الاقتناع بالعلاج هو أولى الخطوات التي يبدأ بها المعالجون، لأن كثير من الاشخاص لا يقتنعون أن الشعور المفرط بالحب، يؤدي إلى الادمان المدمر للحالة النفسية والعقلية، لذلك لابد من التوعية عن طبيب متخصص بأخطار العزلة في حب شخص واحد يقوم بإستغلال مشاعرك، أو قام بالفراق عنك لأي سبب أو ظرف،

فيقوم الطبيب بوضع منهج علاجي يعتمد على رفع معنويات الشخص المدمن، وإخراجه من الحالة النفسية الصعبة التي يعاني منها، وذلك بإتخاذ بعض الخطوات التالية:

الدعم النفسي:

وذلك عن طريق الاستماع الجيد له، ومعرفة المعاناة التي يشعر بها، كما يقوم بعملية دعم معنوي من الأسرة والأصدقاء المقربين لهذا الشخص، كما يقنع هذا الشخص بضرورة الانشغال فيما يفيد، والبعد عن العزلة قدر الإمكان.

الانخراط في أنشطة اجتماعية:

مثل زيارة دار المسنين أو الأيتام، أو الأنشطة الخيرية الأخرى، هذه الطريقة قادرة على أن تجعل من المدمن إنسان جديد، بعيداً عن الأفكار السلبية التي ارتبطت في ذهنه عن الحياة، وأنها مرتبطة بشخص واحد فقط، كما يجب أن هذه الخطوة تكون مستمرة، وتصبح أسلوب ونمط للحياة الجديدة.

ممارسة الرياضة بشكل مستمر:

تعمل على إفراز بعض الهرمونات المعوضة عن تلك التي فقدها المخ، جراء فراق من تحب، حيث أن ممارسة أي رياضة قادرة على إفراز مادة الأندروفين وهي المسؤولة عن التخفيف من الآلام النفسية والعصبية.

التي تظهر بشكل مستمر عند توقف الشعور بالحب، أو التوقف عن إفراز الدوبامين في المخ، فيجب على مدمن الحب أن يمارس الرياضة بشكل يومي، ويستمر عليها لفترة طويلة، بل يجعلها من نمط حياته.

التخلص من جميع الذكريات السابقة:

خاصة إذا كان توقف الشعور بالحب أتي عن طريق فراق الحبيب، أو طلاق، أو غير ذلك، فضرورة التخلص من الذكريات القديمة، قادر على التعافي بشكل سليم، وسريع أيضاً، فكثير من مدمني الحب، ما يتعلقون بتلك الذكريات مما يشكل خطراً نفسياً كبيراً، وقد تكون له نتيجة وخيمة على النفس، كما تقلل من فرص التعافي أيضاً،

لذلك على المدمن أن يتخلص من جميع الذكريات المرتبطة بالعلاقة القديمة، سواء صور أو فيديوهات، كما ينهي علاقته تماما بحسابات المواقع الاجتماعية التي كانت تربطه بالشخص، وعدم تتبع اخباره من خلالها.

ممارسة هوايات محببة إلى الشخص المدمن:

قادرة أيضاً على تعافيه بصورة سليمة وسريعة، كما تعزز الثقة بالنفس، والاعتماد على الذات، وإنجاز نجاحات شخصية، يكون في أمس الحاجة إليها، أو يقوم بتعلم أشياء جديدة لم يكن معتاداً عليها مثل دراسة لغة جديدة، أو تعلم مجال عملي جديد، النزول إلى مجال العمل، السفر إلى أماكن مختلفة، التعرف على أصدقاء جدد، تكوين علاقات جديدة، وغيرها.

ضرورة عدم الشعور بالذنب وتأنيب الضمير:

فكثير من مدمني الحب، من يلومون أنفسهم على انتهاء العلاقة، وهذا ما يجعله يشعر بالدونية وكره الذات، وهذه مشكلة خطيرة، لذلك يقوم المعالج النفسي بضرورة إقناع الشخص المدمن، بأن العلاقة انتهت سواء حدث خطأ أم لا، ولابد من نسيان تلك العلاقة بحلوها ومرها، كي تمر الحياة بشكل طبيعي، ولكي يتخلص من الآلام المصاحبة للذكريات.

عدم الدخول في تجربة علاقة حب جديدة:

فالكثير من المدمنين، يحاولون الدخول في علاقة حب جديدة لكي يتناسى العلاقة القديمة، وهذا خطأ كبير يقع فيه معظم المدمنين، فهذه العلاقة قد تزيد الإدمان، أو يحدث انتكاسة نفسية كبيرة، لأنها علاقة في أغلب الأحيان وهمية وليست حقيقية، فهي علاقة مؤقتة، يدخلها الشخص، كي يخرج من الإحساس السىء جراء انتهاء علاقة الحب القديم.

في نهاية الامر، لابد أن يعلم الفرد، أن الحب المعتدل هو السبيل الطبيعي في هذه الحياة في العلاقات بين الناس، فالحب شعور جميل، وفطري وبدونه يعيش الإنسان حياة قاسية، لكن في نفس الوقت، يجب اتباع وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم” أحبب حبيبك هونا ما،عسى أن يكون بغيضك يوما ما” ، فيجب أن يكون هذا هو الشعار الأمثل، نحب بطريقة معتدلة بدون ذوبان ذواتنا وإلغاء شخصياتنا.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق