من الأمور الهامة التي تجمع عليها الدراسات المختلفة التي اهتمت بمجال علاج الإدمان هو دور الأسرة في علاج الإدمان، حيث تعتبر المراحل الهامة التي يمر عليها المدمن في علاج الإدمان، من الفترات الحساسة للغاية في دورة حياة المدمن خاصة أنها المرحلة الفيصلية التي تنقذه من براثن إدمان المخدرات، وتنهي وتكسر هذه الدائرة المميتة التي وقع فيها، لذلك تهتم الدراسات الطبية بكل ما يساعد المدمن أثناء العلاج، لا سيما دور الاسرة الهام في ذلك، لما له من أهمية كبيرة في كل مراحل العلاج على المستوى المعنوي.
وفي هذا المقال نتحدث عن دور الأسرة في علاج الإدمان، فقد تحدثنا مراراً عن دور الاسرة في العموم في كل مراحل الإدمان، إلا أن هذا الموضوع يعتبر من أهم المواضيع، وذلك لعدة أسباب نذكرها من خلال النقاط والعناصر الرئيسية في هذا المقال.
ونتناول بالتفصيل، دور الأسرة أثناء فترة العلاج، من حيث تعريف علاج الإدمان وذكر المراحل الهامة التي يمر عليها المدمن أثناء العلاج، ثم نتحدث عن دور الأسرة الهام للغاية بالنسبة للمدمن على الناحية المعنوية، ونتناول النصائح التي يجب أن يتبعها كل أفراد الأسرة أثناء زيارة مريض الإدمان في المصحة العلاجية على سبيل المثال، أو النصائح التي يجب إتباعها في حالة علاج مريض الإدمان في المنزل أو غير ذلك.
مراحل علاج الإدمان، ودور الأسرة بالنسبة للمدمن في كل مرحلة:
علاج الإدمان هي تلك العملية التي تحدث بعد اكتشاف المدمن من جانب الأسرة، أو القرار الخاص الذي يتخذه المدمن، في العلاج، وإنهاء تعاطي المخدرات، فهي المرحلة التي تبدأ بعد التوقف والقرار الخاص ببداية العلاج، وتنقسم هذه المرحلة والتي تعد من أهم الخطوات في رحلة الإدمان كما ذكرنا مرارا وتكرارا، لأنها تمثل مرحلة الإنقاذ، إلى قسمين، قسم يتعلق بالناحية العضوية، وقسم آخر يتعلق بالناحية النفسية، اما الناحية العضوية يعتمد عليها الأطباء في إدخال منهج دوائي وعلاجي عاجل، لتنقية الجسم من سموم المخدرات، ثم علاج الأعراض الانسحابية والآلام المصاحبة لها، وتستمر هذه المرحلة بما يقرب من شهر حسب كل حالة، ثم تأتي المراحل الهامة وهو القسم الثاني من رحلة العلاج، أو القسم الذي يعتني بتغيير سلوكيات المدمن المصاحبة للإدمان، والتدريب النفسي من خلال الاستشارات الفردية والجماعية على سلوكيات جديدة تدربه على حل المشكلات ومواجهة ضغوط الحياة بعيداً عن اللجوء إلى المخدرات او الإدمان، وهذه المرحلة قد تستمر شهور عديدة، وقد يصل الأمر إلى عام كامل حتى يتم التعافي والشفاء، وقد تحدثنا قبل ذلك عن دور الأسرة أثناء إتمام التعافي، إلا أننا في النقطة التالية نتحدث بالتفصيل عن دور الأسرة أثناء فترة العلاج، ونقسمها إلى ثلاثة أقسام، دور الأسرة بعد إكتشاف المدمن، دورها أثناء فترة العلاج العضوي، دورها أثناء فترة العلاج النفسي.
دور الأسرة في علاج الإدمان.. مرحلة ما بعد اكتشاف المدمن:
تعتبر هذه المرحلة الأولية هامة بالنسبة للمدمن، فبعد إكتشاف الأسرة أن أحد أفرادها يعاني من مرض الإدمان، ولا يستطيع الاقلاع عن المخدرات، تبدأ الأسرة وهذا من أهم أدوارها في تلك المرحلة، بضرورة:
- منع جميع الوسائل التي تساعد المدمن على إدمان المخدرات، سواء منع الأموال، أو التخلص من أدوات التعاطي إذا وجدت في المنزل، أو منعه من الإتصال بالأصدقاء والرفاق الذين يشجعونه على الإدمان، أو الذين يوفروا له المواد المخدرة أو ماشابه ذلك.
- إقناع المدمن بالإقلاح والعلاج الفوري من إدمان المخدرات، وذلك بعدة وسائل بعيدة عن العنف والعصبية الزائدة، وضرورة الإقناع بحكمة وهدوء، وبث روح التشجيع والقوة في نفس المدمن، واستشارة المصحة العلاجية من أجل وضع خطة علاجية فورية وفق حالة المدمن الصحية ونوع المخدرات التي كان يتناولها، والإقناع هي المرحلة الفعلية الاولى في دور الأسرة في علاج الإدمان.
- الذهاب إلى أقرب مستشفى أو مصحة علاجية للاستشارة او حجز المدمن في هذه المصحة من أجل العلاج، فهناك بعض الأمور التي تتعلق ببعض الاسر التي لا تفضل ذلك، بل إنها تفضل العلاج في المنزل، وهذه نقطة أخرى نتحدث عليها من خلال هذا المقال أيضاً.
دور الأسرة في علاج الإدمان.. مرحلة العلاج العضوي:
وهذه المرحلة هي المرحلة الأولى من العلاج الفعلي للإدمان، وهي المرحلة التي تنقسم إلى تنقية الجسم من السموم، ثم علاج الأعراض الانسحابية التي يعاني منها المدمن خلالها من بعض الآلام، وتضع المصحات العلاجية خطة للعلاج خلال هذه المرحلة، لكن السؤال الهام هنا ما دور الاسرة بالنسبة للمدمن خلال هذه المرحلة؟
لا يختفي دور الأسرة في علاج الإدمان في أي من مراحله، حتى في تلك المرحلة التي يظن فيها البعض أن دور الاسرة يختفي تماماً في هذه المرحلة بسبب أن المدمن يكون خاضع للعلاج فعلا في المصحة العلاجية او المستشفى، إلا أن دور الاسرة لا يختفي كلياً، بل هناك دور يكمن في التواصل المستمر بين الأطباء وبينهم، لمعرفة الحالة وما وصلت إليها، وهناك بعض المصحات تمنع الزيارة في المراحل الأولى، لكن الزيارة مهمة للغاية بعد هذه المراحل، لأنها تعطي المدمن دفعة قوية نحو إستمرار العلاج، وهنا يأتي دور الاسرة في التشجيع والاحتواء، وبث روح العزيمة والإصرار والقوة في نفس المدمن، وتذكيره مثلاً بالإنجازات العلمية أو الرياضية أو الإجتماعية التي قام بها قبل الإدمان، وضرورة إحساسه بالعطف والحب والحنان من جميع أفراد الاسرة، فهذا بلا شك يعطيه دفعة قوية نحو إستمرار العلاج.
دور الأسرة في علاج الإدمان .. مرحلة العلاج النفسي والسلوكي:
وهذه المرحلة من أهم مراحل العلاج، حيث تعتبر مكملة لعلاج الإدمان من الناحية العضوية، لذلك يجب على الأسر أن تنتبه إلى اهمية ضرورة إستكمال العلاج في هذه المرحلة لأنها تعني بتغيير سلوكيات المدمن السابقة والتي قادته إلى الإدمان، وكيفية التدريب على مواجهة ضغوط ومشكلات الحياة بدون اللجوء إلى الإدمان، وهنا يأتي دور الأسرة خلال هذه المرحلة في كيفية التعامل مع المدمن، وذلك بتوعية الاسرة بضرورة التعامل الحذر مع المدمن، وكيفية تدريبهم على ذلك بالتواصل المستمر مع الفريق الطبي المعالج.
هذا إلى جانب تهيئة الحياة الجديدة التي ينبغي أن يعيش فيها المدمن، من خلال بعده عن المشاكل او الإشتراك معه في الانشطة المختلفة أو ضرورة مراقبة أفعاله لمنعه من العودة مرة أخرى إلى الإدمان، وكل هذا باستشارة الاطباء النفسيين المتابعين لحالة المدمن.
دور الأسرة في علاج الإدمان .. في حالة العلاج المنزلي:
هناك بعض الأسر لا تفضل العلاج خارج المنزل، وهذا يعني أن المدمن قد يتلقى الخطة العلاجية في المنزل بدلاً من المصحة أو المستشفى، لذلك هناك بعض الخطوات التي يجب على الأسرة أن تتخذها من أجل تهيئة الأجواء السليمة والصحية لإستكمال العلاج بنجاح حتى النهاية.
ومن هذه الخطوات:
- إستقبال الفريق الطبي المعالج ووضع خطة للعلاج الفوري وسماع نصائحهم في كل فترات العلاج.
- تهيئة المنزل للعلاج من خلال التخلص من جميع أدوات التعاطي التي كان يستخدمها المدمن او التي تذكره بحالة الإدمان السابقة.
- البعد عن المشكلات التي قد يتورط فيها المدمن والتي تزيد من فرص العودة إلى إدمان المخدرات مرة أخرى.
- مراقبة المدمن أثناء فترة العلاج والتأهيل النفسي بدون إحراج أو عنف، وضرورة الاحتواء النفسي والعاطفي للمدمن في كل مراحل العلاج السابقة.
هذه كانت بعض النقاط التي تتحدث عن دور الأسرة في علاج الإدمان ، حاولنا من خلالها تسليط الضوء على الدور الهام التي يجب أن تلعبه الاسرة خلال جميع المراحل سواء العضوية او النفسية، هذا إلى جانب نقطة خاصة عن دور الأسرة في علاج الإدمان لو قررت أن يكون العلاج منزلياً بعيداً عن المستشفيات العلاجية.